10/11/2010

د. خالد إبراهيم المحجوبي : ضوابط الفتوى

ضوابط الفتوى









د. خالد إبراهيم المحجوبي



باسم الله، والحمد لله



شاع في عالم الإفتاء والمفتين، كثير من المعايب، والمناقص، والمخالفات، من ذلك مثلاً :ما عرف بالحيل الفقهية ، ومن ذلك انتشار الفتاوى المأجورة ، والفتاوى المزورة. ونحو ذلك من التشويهات التي حلت في ساحة العملية الإفتائية ، التي هي في أصلها عملية شريفة منـزهة





وقد عمل كثير من العلماء على الوصول إلى حالة تنضبط فيها الفتاوى ،ويستقيم في أداء المفتين، ولعل من أشهر المحاولات لذلك ما سعى له البعض لتوحيد الفتوى، من ذلك مسعى الخليفة العباسي لجمع الناس على موطأ مالك، وهو الاقتراح الذي رفضه أبو عبد الله مالك.






ولا يخفى أن توحيد الفتوى يقتضي إجبار الناس على اتِّباع مذهب واحد والإعراض عن غيره ؛ وهذا أمر فيه حجر على فضل الله الذي وزعه على علماء الأمة، حيث لم يحصر الحق في مذهب معين ،أو إمام محدد، أقول هذا أمام من يدعوا الآن إلى حصر الفتوى بليبيا في إطار المذهب المالكي دون غيره، وكأن الله تعالى قد أمر بذلك، أو أن نبيه قد أوصى به ، وفي هذا غمط لجهود علماء الأمة الذين كانوا يجتهدون للأمة كلها دون نظر لجهوية، أو إقليمية ، تحصر-مثلاً- أبا حنيفة في مصر ،ومالكاً في ليبيا والمغرب العربي،وأحمد في السعودية ، ونحو ذلك من الحصورات العائلة الفاقدة لسعة النظر ،وحقيقة الوظيفة الفقهية في بعدها العلمي .






في هذا المقام سأذكر ما أراه من ضوابط لا يحسن أن تخلو منها الفتوى:






الضابط الأول-الوضوح: بأن تكون الفتوى واضحة المبنى ، جلية المعنى.غير ملتبسة المعاني ،ولا موهمة باحتمالات غير منضبطة.






الضابط الثاني -الاستناد: أي أن تكون الفتوى مسندة بما يقويها ويكسبها وجاهة القبول من أدلة نصية، أو عقلية، أو استناد إلى المصلحة المشروعة، فإن عريت الفتوى عن هذه المسنِدات كانت قولاً تابعاً لهوى، غير مستحق للقب الفتوى.






الضابط الثالث- أن تكون بعد سؤال واستفتاء ، وإلا كانت اجتهاداً ورأياً ، ولا تسمى – حينها- فتوى.






الضابط الرابع – أن لا يترتب عليها فتنة أو مفسدة ، متعدية أو لازمة. هذا ضابط مهم جداً لا يجوز الإغضاء عنه من طرف أي عالم ، وهو ضابط متأصل ومعتمد على أسس نصية منها حديث ((لا ضرر في الإسلام ولا ضرار))([1]) .ولا يغيب عنا أن الكثير من الفتاوى صدرت في غياب هذا الضابط ؛ فأزهقت بها أرواح ،وشتت بها عوائل ، وضيعت بها مصالح ،واجترح بها مفاسد ، من طرف أناس ، أساؤوا من حيث حسبوا أنهم يحسنون.نسأل الله السلامة.


















- [1] - خرجه أبو داود في: المراسيل - 451 . من رواية واسع بن حبان ، ونحوه عند البيهقي في السنن الكبرى من رواية يحيى المازني 10\143


No comments:

Post a Comment